إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة logo الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
shape
الحج منافعه وآثاره
14740 مشاهدة print word pdf
line-top
تاسعا: منافع ليلة مزدلفة

لما أنه انتهى -صلى الله عليه وسلم- من الوقوف بعرفة بغروب شمس ذلك اليوم, بين أنه شرع لهم بعده الانصراف إلى المشعر الحرام وهو مزدلفة الذي أمر الله بالذكر فيه في قوله : فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ .
شرع لهم في تلك الليلة -التي هي ليلة مزدلفة - أن يبيتوا في ذلك المكان, وألا يغفلوا عن ذكر الله, وأن يبدءوا إذا وصلوا بالصلاة, ولا شك أن اهتمامهم بالصلاة -صلاة المغرب والعشاء- يدل على أهمية الصلاة في نفوسهم, ويدل على أنهم قد عظموا صلاتهم, وأنهم قد اهتموا بها؛ فلما أخروها في الطريق ووصلوا, بادروا وصلوها في أول وصولهم ، ثم اشتغلوا بالذكر وباتوا تلك الليلة, ثم أصبحوا وصلّوا الصبح مبكرين, ودعوا ربهم بعد الصباح.
كل هذه الأدعية لا شك أن فيها منفعة, وهي اشتغالهم بذكر الله الذي أمر الله به؛ حتى يكون ذكر الله مقارنا لهم دائما, وتكون ألسنتهم رطبة بذكر الله, ويكون ربهم معظَّما في قلوبهم بحيث لا يعصونه, ولا يتجرءون على معصيته في بقية حياتهم.

line-bottom